والآن يا حبيبتي ساجيبك عن سؤالك: أنا لا أقوم بتهذيب حاجِبيَّ لعدة أسباب :
أولاً : لأنني أحب ربي عز وجل، فهو الذي خلقهما لي بهذا الشكل ، لذلك انا أحب صُنعه :
" صُنعَ الله الذي أتقَنَ كُلَّ شيء"(سورة النمل -88)
ثانياً : أن الله عز وجل يقول: " إنَّا كُلَّ شيءٍ خلقناهُ بِقَدَر"(سورةالقمر-49 ) فلابد أنهما بهذا الشكل يقومان بعدة مهام ؛ منها أنها تحمي العينين من العرق ، كما أنني متأكدة من أن الله تعالى قد خلقهما بشكل يتناسب مع شكل وجهي، وبقية ملامحي .
ثالثا ً:أن الشيطان هو الذي يحرِّض على ذلك ؛ كما جاء في القرآن الكريم :" إِن يَدعُونَ مِن دُونِهِ إِلا إِنَاثاً وَإن يَدعُونَ إِلا شَيطَاناً مَّرِيدا، لعنه الله ، وقال لأتخذنَّ من عبادك نصيبا ًمفروضا ً، وَلأُضِلَّنَّهُم وَلأُمَنِّيَنَّهُم ولآمُرَنَّهُم فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنعَامِ، و لَآمُرَنَّهُم فلَيُغيِّرُنَّ خَلقَ الله " (سورة النساء- 119)
وقد فعل وأمرنا يتغيير خلق الله لوجوهنا التي خلقها الله في أحسن تقويم…فهل أعصي ربي وأطيع الشيطان يا أخيتي؟!!!!
فنظرَ ت إلي وهي تحاول الإجابة، فقلتُ لها :
أرجو ان تستمعي لبقية الآية لتعرفي الإجابة:
" وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللهِ فَقَد خَسِر خُسرَاناً مُّبِيناً، يَعِدُهُم وَيُمَنِّيهِم وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيَطانُ إِلا غُرُوراً،أوْلَئِكَ مَأوَاهُم جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنهَا مَحِيصاً (سورة النساء: 119)
هل تعرفين ماذا يقول الشيطان للذين أطاعوه يوم القيامة ؟
قالت : لا
فقلت : بقول الله تعالى في سورة الأنفال :"وإذِ زيَّن لهم الشيطانُ أعمالهم وقال لا غالبَ لكمُ اليومَ من الناس وإنِّي جارٌ لكم، فلما تراءت الفئتان نكصَ على عقبيه وقال إني برىء منكم إني أخافُ الله ، واللهُ شديدُ العقاب"(48)
في سورة الحشر : : {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ }الحشر16
فنطرَت إليَّ وهي مندهشة ...فقلتُ لا تندهشي إن الشيطان مخلوق ضعيف ،ولكنه لا يريد أن يدخل النار بمفرده لأنه علم يقيناً أن مصيره إلى النار ،أعوذ بالله منها .
رابعاً: أن الله تعالى قال : "لقد خلَقنا الإنسانَ في أحسنِ تقويم " ..ولو تأمَّلتِ المرأة قبل وبعد أن تنتف حاجبيها لوجدتِ أن شكلها قبله كان أكثر جمالا وأقرب للطبيعي ،
أما بعد النتف فتشعرين أن بشكلها شيئا ًغير طبيعي، كما أنها تبدو أكثر سِنَّا ً، ويصبح شكلها أقرب للماجنات العابثات ، فهل تحبين ذلك ؟
قالت : بالطبع لا .
خامساً : أنني علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لعن الله ُالنامصة و المتنمصة "
فالنمص هو ترقيق الحاجبين وتدقيقه طلباً للحُسن ،والنامصة هي التي تنتف شعر الحاجبين بنفسها أو تفعله بغيرها ، أما المتنمصة فهي التي تأمر غيرها أن يفعل ذلك لها.
هل تعرفين معنى اللعن يا غاليتي؟
قالت : لا .
قلتُ: إنه "الإبعاد والطرد من الخير. وقيل : الطرد والإبعاد من الله.. وكل من لعنه الله فقد أبعده عن رحمته واستحق العذاب فصار هالكاً"
هل تعرفين نتائج الطرد من رحمة الله؟
قالت : لا .
قلتُ: إن المسلم ، وحتى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة بعمله ،وإنما برحمة الله ....فهل من المنطقي أن أضيِّع نعيم الجنة الدائم الذي يُعد هو المستقبل الحقيقي، من أجل بضع شعرات؟
قالت : بالطبع لا .
قلت : "إن سعينا في الدنيا كله وعبادتنا لله ماهي إلا طلبا ًلرحمة الله ، ألا تسمعين حين يقال : فلانة توفيت، ألاندعو لها بالرحمة و نقول : رحمها الله ؟
قالت : بلى !
قلت: فهذه الرحمة التي يتسابق إليها عباد الله ويتنافس فيها أولياؤه وأولهم الرسول صلى
الله عليه وسلم-الذي غًفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر- قد ابتعدَت عنها النامصة – هداها الله – بل
واقتربت من لعنته وسخطه –سبحانه- من أجل شعيرات تزيلها من حاجبيها!!!!"
أما سمعتِ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لن يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله ، قيل ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته وقال بيده فوق رأسه "
وهذا في الآخرة ، أما في الدنيا، فانظري ماذا قال الله تعالى عن الملعونين : " ومَن يلعِنِ الله ُفلَن تجِد له نصيرا "
أي أنه مغلوب مقهور دائماً ، فهل تحبين ذلك لنفسك يا أخيتي؟
قالت : لا ، أعوذ بالله من ذلك ، وأعوذ بالله من النار ....ولكن ما رأيُكِ في تشقير الحاجبين؟
فسألتُها : وما رأيُكِ أنتِ؟
ففكرَت طويلا ًثم قالت : " إذا كان النمص محرما ًلأنه تغيير لخَلق الله ، فإن التشقير تغيير أيضا لخلق الله ، فقد خلقني الله بصورة معينة لا ينبغي تغييرها.
فربتْت على كتفيها وابتسمت لها ابتسامة حانية ، وأنا أقول : الحمد لله الذي هداكِ لهذا، وأعانك على أن تستخدمي عقلك في الوصول إلى الحق ،
جعلك الله يا غالية من الذين قال عنهم :
"ومن يُطِع اللهَ ورسولَه فقد فازَ فوزاً عظيما"
لقدعبر العلماء عن رأيك هذا بقولهم :
"وسواء كان النمص بالنتف واللقط أو بالحفّ أو بالحلق أو بأي وسيلة حديثة فهو نمص .
والحكم يدور مع علـّتِه وجودا وعدما - كما هو مُقرر في علم أصول الفقه –
أي متى ما وُجدت علّـة التحريم وُجِد الحُكم .
والعلة هنا منصوص عليها وهي : تـغـيـير خلق الله .
التغيير يحصل بأي وسيلة كانت ، ولذا أفتى العلماء بأن التـّـشقـيـر داخل تحت فمعنى وحُـكم النّمص وقد أفتى فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين بأن التّشقير يلحق بالنمص"
قالت لي: ولكن هناك من الدُّعاة من يقول أن التهذيب فقط (أي التخفيف والتنظيم ) وليس النتف الكامل لا يُعد تغييرا لخلق الله !!
قلتُ لها: نعم ، للأسف ،ولكن لا تأخذي الفتوى إلا من أهل الثقة ، وتأملي معي: لماذا لم يخلق الله تعالى الحاجبين مهذَّبين بدون الشعيرات البسيطة من فوقهما وتحتهما؟
لأن كل شيء يفعله الله يكون له سبب وحِكمة لا نعلمها ، ولعلك تلاحظين أن القليل من النساء يكون حاجبيها مهذَّبين دون أن تلمسهما...وهذا لحكمة أيضا من الله ....ولك أن تسألي طبيباً مختصاً في أمراض العيون ليقول لك، ولكن الأفضل أن تقبلي أمر الله لأنه من الله ، وليس خوفاً على صحتك !!!!
ولو أن التهذيب فقط غير محرَّم ، لاستطرد الرسول الكريم في حديثه الذي ذكرناه ، وقال :
" لعن الله النامصة و المتنمصة ، إلا من أخذت بقليل من الشعر الذي لا يغير الشكل العام للحاجبين " فللرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أحاديث طويلة في موضوعات أخرى ،و لو كان الأمر كذلك لفصَّل قوله ...ولكنه لم يفصِّل بل قال "لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله .." أي أن الحديث بخصوص النمص قد انتهى بمجرد ذكره ، فانتقل إلى موضوع آخر وهو التفلج للحُسن !!!!!
وبشكل عام ينبغي أن تستفتي قلبك وإن أفتاكِ الناس وأفتَوكِ كما أمرنا الحبيب صلى الله عليه وسلم .
ولكي يطمئن قلبك الطيب ، فلكِ أن تطلعي على عدة فتاوى لكبار العلماء في هذا العصر :
*"سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: ما حكم تخفيف الشعر الزائد من الحاجبين؟
الجواب: لا يجوز أخذ شعر الحاجبين ولا التخفيف منهما لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( لعن الله النامصة والمتنمصة) وقد بين أهل العلم أن أخذ شعر الحاجبين من النمص .
*