من أقوال
شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله
« لا ريب أن الأذكارَ والدعواتِ من أفضل العبادات ، والعباداتُ مبناها على التوقيف والاتباع ، لا على الهوى والابتداع ، فالأدعيةُ والأذكارُ النبوية هي أفضل ما يتحرَّاه المتَحَرِّي من الذكر والدعاء ، وسالكُها على سبيلِ أمانٍ وسلامة ، والفوائد التي تحصل بها لا يُعَبِّرُ عنها لسان ، ولا يحيط بها إنسان ... » .
« .. وليس لأحد أن يَسُنَّ للناس نوعًا من الأذكار والأدعية غير المسنون ، ويجعلَها عبادةً راتبة ، يواظِبُ الناسُ عليها ، كما يواظبون على الصلواتِ الخمس ، بل هذا ابتداعُ دينٍ لم يأذن الله به .. » .
« .. وأما اتخاذُ وِرْدٍ غيرِ شرعِيٍّ ، واستنانُ ذِكرٍ غيرِ شرعي : فهذا مما يُنْهَى عنه ، ومع هذا ؛ ففي الأدعية الشرعية، والأذكارِ الشرعية غايةُ المطالبِ الصحيحة ، ونهايةُ المقاصدِ العلية ، ولا يَعْدِلُ عنها إلى غيرها من الأذكار المُحْدَثَةِ المبتدَعَةِ إلا جاهلٌ ، أو مُفَرِّطٌ ، أو مُتَعَدٍّ » اهـ .
من : « مجموع الفتاوى » (22/510) .
مقدمة :
الحمد لله نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيرًا ونذيرًا بين يدي الساعة .
من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ، ولا يَضُرُّ الله شيئًا .
اللهم صل على محمدٍ عبدِك ورسولِك النبيِّ الأُمِّيِّ ، وعلى آل محمدٍ وأزواجِه وذريتِه ، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، وبارك على محمدٍ النبيِّ الأميِّ ، وعلى آل محمد وأزواجه وذريته ، كما باركتَ على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد .
أما بعد :
فهذا مختصر « النصيحة في الأذكار والأدعية الصحيحة » جَمَعَ أصَحَّ ([1])الأدعيةِ والأذكارِ المجردة في الأوقات والأحوال النبوية الثابتة ، وجعلته كالمتن توطئةً لشرحه وبسطه في الطبعة الآتية للأصل التي ستتضمن إن شاء الله كثيرًا من الفوائد والأحكام والآداب الشرعية ، بجانب تخريج كل حديثٍ تخريجًا دقيقًا ومُفصَّلًا، مع بيان مَنْ صَحَّحَهُ أو حسَّنه، وذِكْرِ نَصِّه كاملًا محتويًا الفضائلَ على خلاف ما كان في الطبعات السابقة ، وهذا المختصر .
وإنما تعجلتُ إخراجه بهذه الصورة المختصرة مبادرةً بالأعمال ، وتسهيلًا على الراغبين في مزيدٍ من التيسير مع التمسك بالمنهجية في العمل بالأذكار ، والحرص على اتباع السنة الشريفة .
ولم آل جهدًا في التحري عن صحة الأحاديث ، والاستفادة من الملاحظات التي أبداها بعض الناصحين ـجزاهم الله خيرًا ـ وما من جملة مسطورة في الكتاب إلا وعليها ـ بفضل الله ـ دليل من قرآن أو سنة ثابتة ، أو أثر صحيح ، ولا تخرج بحال عن أقوال أهل هذا العلم الشريف .
واعلم ـ رحمني الله وإياك ـ أنه قد تَردُ أذكارٌ كثيرة في وظيفة واحدة ، فمن وُفِّقَ للعمل بها كلِّها فهي نعمةٌ من الله وفضل ، ومن عجز عن جميعها فليقتصر من مختصراتها على قدرٍ يداوم عليه ، ولو كان ذكرًا واحدًا ، وفضلُ الأكثرِ أكثر ، والأوسطُ أقصد ، وهو أجدر بأن يدوم عليه .
وكل وظيفة لا يمكن المواظبة على كثيرها ، فقليلُها مع المداومة أفضل وأشد تأثيرًا في القلب من كثيرها مع الفترة .
وعليه أن يأتيَ ببعضٍ مرة ، وبالبعض الآخر مرةً أخرى حتى يكون عاملًا بها جميعها ، غيرَ هاجرٍ لبعضها .
وأسأل الله العَليَّ العظيمَ ، وأتوسلُ إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم ، نافعًا لعباده الصالحين ، وأسأله سبحانه أن يمن علينا بالعفو والعافية ، وحسن الخاتمة .
والحمد لله أولًا وآخرًا ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الإِسكندرية في الجمعة 6 من ذي القعدة 1407 هـ
الموافق 3 من يوليو 1987 م
([1]) وهذه الصحة بالنسبة لما ورد في الأبواب ، مع وجود أحاديث حسنة ، أو مختلف في ثبوتها ، فتنبه !